اليوم الوطني للوطنيين (Journée nationale des Patriotes) هو يوم عطلة عامة محوري ومميز في مقاطعة كيبك الكندية، ويصادف تحديداً يوم الاثنين الذي يسبق الخامس والعشرين من مايو من كل عام. هذا التوقيت ليس صدفة، بل هو قرار واعٍ بجعله موافقاً ليوم فيكتوريا، ليعكس بذلك خصوصية كيبك وهويتها التاريخية المتفردة. إنه احتفال عميق وراسخ بذكرى التمردات الكبرى التي شهدتها كندا السفلى (كيبك حالياً) في عامي 1837 و1838، والتي عرفت بثورة الوطنيين (Rébellion des Patriotes).

الجذور التاريخية: ثورة الوطنيين 1837-1838

تُعد ثورة الوطنيين حدثاً فاصلاً في تاريخ كيبك، حيث تمثل كفاحاً مريراً من أجل الديمقراطية والحكم الذاتي. قاد هذه الحركة الإصلاحية، التي ضمت في غالبيتها الفرنكوفونيين، شخصيات بارزة مثل لويس-جوزيف بابينو. كان الوطنيون يطالبون بإصلاحات سياسية جذرية، أبرزها تأسيس حكومة مسؤولة تكون خاضعة للمساءلة أمام الجمعية التشريعية المنتخبة محلياً، بدلاً من أن تكون تحت سيطرة الحاكم البريطاني المعين. اندلعت هذه الثورات نتيجة تفاقم السخط من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وغياب التمثيل السياسي العادل، والشعور المتزايد بقمع الهوية الثقافية واللغوية للفرنكوفونيين تحت الحكم الاستعماري البريطاني. وعلى الرغم من أن القوات البريطانية قد قمعت هذه التمردات بقسوة، مما أدى إلى اعتقال الآلاف وإعدام الكثيرين ونفي آخرين، إلا أنها تركت بصمة لا تُمحى على الوعي السياسي الكيبيكي ومهدت الطريق في النهاية نحو تحقيق الحكم المسؤول في أمريكا الشمالية البريطانية. هذا اليوم هو تذكير حي بهذا النضال المستمر من أجل الهوية والسيادة.

تأسيس العطلة وأهميتها المعاصرة

لم يُعترف باليوم الوطني للوطنيين كعطلة رسمية إلا في عام 2002، عندما أُقر في كيبك ليحل محل "عيد دولارد" (Fête de Dollard) الأقل شهرة. كان هذا التغيير بمثابة إعلان واضح عن الرغبة في تكريم هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ كيبك، وتثبيت ذكرى الوطنيين كجزء أصيل من السرد الوطني للمقاطعة. إنه أكثر من مجرد يوم عطلة؛ إنه فرصة للتأمل الجماعي في قيم المقاومة والمرونة، والاعتزاز بالهوية الكيبيكية الفريدة.

الاحتفالات والأنشطة: إحياء الذكرى

يتم تنظيم العديد من الأحداث والأنشطة الغنية والمتنوعة في جميع أنحاء كيبك للاحتفال بهذا اليوم التاريخي، تتجاوز مجرد الحفلات لتشمل جوانب تعليمية وثقافية عميقة. من بين هذه الفعاليات:

كل هذه الأنشطة تهدف إلى تعزيز الروابط المجتمعية وتعميق الوعي التاريخي، مؤكدة أن اليوم الوطني للوطنيين ليس مجرد عطلة، بل هو احتفاء بالماضي الذي يشكل الحاضر والمستقبل لكيبك.

أسئلة متكررة حول اليوم الوطني للوطنيين

ما هو الغرض الأساسي من اليوم الوطني للوطنيين؟
الغرض الأساسي هو تخليد ذكرى "الوطنيين" الذين قادوا ثورات 1837 و1838 في كندا السفلى (كيبك حالياً)، والاحتفال بكفاحهم من أجل الديمقراطية والحكم الذاتي والهوية الفرنكوفونية في كيبك.
متى تم الاعتراف بهذه العطلة رسمياً في كيبك؟
تم الاعتراف باليوم الوطني للوطنيين كعطلة رسمية في كيبك عام 2002، ليحل محل عطلة "عيد دولارد".
ماذا كانت ثورة 1837 تتمحور حولها؟
كانت ثورة 1837 (وثورات 1838 اللاحقة) تدور حول مطالب الإصلاح السياسي في كندا السفلى، حيث سعى الوطنيون إلى الحصول على حكومة مسؤولة تكون خاضعة للمساءلة أمام ممثلي الشعب المنتخبين، بدلاً من الإدارة الاستعمارية البريطانية، وذلك بسبب السخط الاقتصادي والسياسي والثقافي.
كيف يرتبط اليوم الوطني للوطنيين بيوم فيكتوريا؟
اليوم الوطني للوطنيين يصادف نفس يوم الاثنين قبل 25 مايو، وهو اليوم الذي تحتفل فيه بقية كندا بيوم فيكتوريا. هذا التزامن مقصود من حكومة كيبك لتأكيد التباين في الأهمية التاريخية بين الاحتفال بالملكية البريطانية (يوم فيكتوريا) والاحتفال بكفاح كيبك من أجل تقرير المصير والاستقلال الوطني.