يحتفل شعب التاميل، الذي يقطن أساسًا ولاية تاميل نادو في جنوب الهند والمناطق المجاورة مثل سريلانكا وسنغافورة وماليزيا، بقدوم السنة الجديدة في اليوم الأول من شهر "شيتيراي" (Chitterai) ضمن التقويم التاميلي القديم. يُعرف هذا اليوم بهجة واحتفالًا باسم "بوتاندو" (Puthandu) أو "بوتوفارودام" (Puthuvarudam)، وهو يمثل رمزًا لبداية دورة جديدة من الحياة والأمل والازدهار. تعكس هذه المناسبة الثقافية العريقة الارتباط العميق للطاميل بالتقويم الشمسي، حيث يُعتقد أن الشمس تدخل برج الحمل (Mesha Rashi) في هذا اليوم، إيذانًا بانطلاق عام جديد.
تاريخ الاحتفال والتقويم الشمسي
عادةً ما يتزامن هذا اليوم المبارك، بوتاندو، مع الرابع عشر من شهر أبريل في التقويم الغريغوري، على الرغم من أنه قد يتغير قليلًا في سنوات الكبيسة. هذه المزامنة ليست مصادفة، بل هي نتيجة لتطابق التقويم التاميلي الشمسي مع نظام التقويم الشمسي الذي يحدد دخول الشمس إلى برج الحمل فلكيًا. ويُعد هذا التاريخ يومًا محوريًا ليس فقط للتاميل، بل للعديد من المجتمعات الهندوسية في أرجاء العالم، حيث يحتفلون ببداية عامهم الجديد الذي يعتمد على الدورة الشمسية، وإن اختلفت التسميات والطقوس.
احتفالات وتقاليد بوتاندو: لوحة من الألوان والروحانية
تُعد احتفالات بوتاندو مناسبة غنية بالتقاليد التي تُورث عبر الأجيال، حيث تجتمع الأسر للاحتفال بهذا اليوم الميمون. تبدأ التحضيرات في الليلة التي تسبق بوتاندو، حيث يتم تزيين المنازل بتصاميم "الكولام" (Kolam) الزاهية المرسومة على الأرض، وهي أنماط هندسية معقدة تُصنع من مسحوق الأرز. كما يتم إعداد "الكاني" (Kanni)، وهي ترتيبات ميمونة تُعرض في الصباح الباكر، وتتضمن الفواكه، العملات المعدنية، المجوهرات، الزهور، والمرايا، وذلك لضمان رؤية الأشياء الجالبة للحظ والرخاء كأول ما تقع عليه العين في العام الجديد. يتضمن اليوم أيضًا:
- الحمام الطقسي: يأخذ الأفراد حمامًا خاصًا يُعرف باسم "ماروثو نير" (Maruthu Neer)، وهو مزيج من الأعشاب والزهور، يُعتقد أنه يجلب البركة ويطهر الروح والجسد.
- الصلاة في المعابد: تكتظ المعابد الهندوسية بالمصلين الذين يقدمون الصلوات ويطلبون البركات للعام الجديد.
- الأطباق التقليدية: تُعد الأطباق الخاصة جزءًا لا يتجزأ من الاحتفال، وأبرزها "بوتاندو باتشادي" (Puthandu Pachadi). هذا الطبق الفريد يجمع بين ستة أذواق مختلفة – الحلو، الحامض، المالح، المر، اللاذع، والقابض – ليرمز إلى التحديات والأفراح المتنوعة التي قد يحملها العام الجديد، ويُشير إلى ضرورة تقبل الحياة بكل أطيافها.
- الزيارات العائلية: يتم تبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء، وتقديم الهدايا، والاستمتاع بوجبات احتفالية مشتركة.
احتفالات السنة الجديدة الشمسية في أنحاء الهند وخارجها
يُعد يوم 14 أبريل تاريخًا ذا أهمية كبرى في العديد من الثقافات الهندية الأخرى التي تتبع تقويمات شمسية مماثلة، وإن كانت تعرف بأسماء مختلفة وتحمل طقوسًا مميزة:
- فيشو (Vishu) في كيرالا: تحتفل ولاية كيرالا في جنوب الهند بـ "فيشو". تتشابه الاحتفالات مع بوتاندو في مفهوم "فِشْو كاني" (Vishu Kani)، حيث يتم ترتيب أشياء ميمونة في الليلة السابقة لرؤيتها أولًا في الصباح الباكر، وذلك لجلب الحظ السعيد. تتميز فيشو أيضًا بتوزيع "فيشو كاينيرام" (Vishu Kaineettam)، وهي هدايا نقدية يمنحها الكبار للأطفال كرمز للبركة.
- فاساخي (Vaisakhi) في البنجاب: في مناطق شمال الهند، خاصة حيث تُمارس السيخية مثل ولاية البنجاب، يُعرف هذا اليوم باسم "فاساخي". بالنسبة للسيخ، يحتفل فاساخي بتأسيس "الخالسا" (Khalsa) – المجتمع الروحي والمحارب للسيخ – على يد جورو جوبيند سينغ في عام 1699. كما أنه يُعد مهرجان حصاد رئيسي للمزارعين، يرمز إلى الوفرة والامتنان. تُقام المسيرات الاحتفالية ("ناجار كيرتانز") وتُقدم الصلوات الخاصة في "غوردوارا" (المعابد السيخية).
- بوحيلا بويشاخ (Pohela Boishakh) في البنغال الغربية وبنغلاديش: يُحتفل بالسنة البنغالية الجديدة في هذا التاريخ أو حوله. يتميز المهرجان بالرقص والموسيقى الشعبية، وأسواق الطعام، وتبادل التهاني، وبداية السجلات التجارية الجديدة.
- رونغالي بيهو (Rongali Bihu) في آسام: يُعرف هذا المهرجان أيضًا باسم "بورهاج بيهو" (Bohag Bihu)، وهو مهرجان حصاد الربيع الذي يصادف بداية السنة الآسامية الجديدة. يتميز بالاحتفالات المفعمة بالحيوية، الرقصات التقليدية، والأغاني.
- بانا سانكرانتي (Pana Sankranti) في أوديشا: في ولاية أوديشا، يُحتفل به كعيد رأس السنة الأودية، ويتميز بتقديم مشروبات تقليدية مثل "بانا" (Pana) للمرضى والآلهة.
أسئلة شائعة حول رأس السنة التاميلية
- متى يُحتفل برأس السنة التاميلية؟
- يُحتفل برأس السنة التاميلية، المعروفة باسم بوتاندو (Puthandu)، في اليوم الأول من شهر "شيتيراي" (Chitterai) في التقويم التاميلي، والذي يتزامن عادةً مع الرابع عشر من شهر أبريل في التقويم الغريغوري.
- ما هي أهمية طبق بوتاندو باتشادي؟
- طبق "بوتاندو باتشادي" هو طبق تقليدي يرمز إلى الحياة بكل أطيافها، حيث يجمع بين ستة أذواق رئيسية (الحلو، الحامض، المالح، المر، اللاذع، والقابض). يُشير تناوله إلى الاستعداد لتقبل جميع تجارب الحياة، حلوها ومرها، في العام الجديد.
- هل يحتفل جميع الهندوس برأس السنة في 14 أبريل؟
- لا يحتفل جميع الهندوس في نفس التاريخ. تاريخ 14 أبريل هو يوم احتفال برأس السنة الشمسية للعديد من المجتمعات الهندوسية التي تتبع تقويمات شمسية إقليمية، مثل التاميل (بوتاندو)، والمالاياليين (فيشو)، والبنغاليين (بوحيلا بويشاخ)، وغيرهم. ومع ذلك، هناك تقويمات هندوسية أخرى، مثل التقويم القمري الشمسي، التي تحتفل برأس السنة في تواريخ مختلفة، مثل "غودي بادوا" و"أوغادي" في الربيع.
إن احتفال "بوتاندو" هو أكثر من مجرد يوم عطلة؛ إنه تجسيد حي للنسيج الثقافي الغني للهند والتنوع في تقاليدها، ويُعد تذكيرًا دائمًا بالارتباط بالطبيعة ودورات الحياة والاحتفاء بالبدايات الجديدة والأمل في المستقبل.