يوم عاشوراء، الذي يعني حرفياً "العاشرة" في اللغة العربية، هو العاشر من شهر محرّم، الشهر الأول والمقدس في التقويم الهجري. يُعتبر هذا اليوم من أهم المناسبات الدينية في العالم الإسلامي، حيث يحمل دلالات عميقة ومتباينة بين مختلف الطوائف والمذاهب، ويُعد نقطة محورية في التاريخ الإسلامي. فبينما هو يوم عظيم للحزن والحداد لدى بعض المسلمين، يحتفل به آخرون باعتباره يوم نجاة وبركة مرتبط بأحداث تاريخية جليلة.

عاشوراء: ذكرى استشهاد الإمام الحسين في كربلاء

في صميم الفهم الشيعي ليوم عاشوراء، تكمن الذكرى الأليمة والمؤثرة لاستشهاد الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في معركة كربلاء المروعة. وقعت هذه الفاجعة التاريخية في العاشر من محرم عام 61 للهجرة، الموافق 10 أكتوبر 680 ميلادي، حيث واجه الإمام الحسين وأهل بيته وصحبه الأوفياء جيش الخليفة الأموي يزيد بن معاوية. رفض الإمام الحسين مبايعة يزيد لما رآه من انحراف عن مبادئ الإسلام وقيمه، فخرج من المدينة المنورة متوجهاً إلى الكوفة، لكنه حوصر في صحراء كربلاء بالعراق.

جسدت معركة كربلاء قمة التضحية والفداء في سبيل إعلاء كلمة الحق ومقارعة الظلم. فقد استشهد الإمام الحسين عطشاناً هو وأكثر من سبعين من أهل بيته وأنصاره، في مشهد لا يزال يصدح في وجدان الملايين من المسلمين الشيعة حول العالم. يعتبر الشيعة هذا اليوم يوم حداد عظيم، ويُحيون ذكراه سنوياً بمراسم وطقوس حاشدة تتضمن المجالس الحسينية التي تروي تفاصيل المأساة، ومواكب العزاء التي تُظهر الحزن واللوعة، إضافة إلى ممارسة "التطبير" (وهو تقليد يمارسه البعض ويشمل جرح الرأس كرمز للحزن الشديد)، و"اللطم" (ضرب الصدور)، تعبيراً عن التضامن مع آلام أهل البيت وعمق المصاب. كما يقومون بتوزيع الطعام والشراب (سبيل) على الفقراء والمحتاجين كصدقة جارية عن أرواح الشهداء.

أحداث تاريخية أخرى مرتبطة بيوم عاشوراء في التراث الإسلامي

إلى جانب الذكرى الحزينة لكربلاء، يرتبط يوم عاشوراء في التراث الإسلامي – وبخاصة لدى أهل السنة والجماعة – بسلسلة من الأحداث العظيمة والمباركة التي وقعت فيه عبر التاريخ. هذه الأحداث تؤكد قدسية اليوم وأهميته، وتُبرز النجاة الإلهية والرحمة الواسعة التي تجلت فيه:

لهذه الأسباب، يُعتبر صوم يوم عاشوراء سنة مؤكدة لدى أهل السنة والجماعة، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صومه، إضافة إلى صوم اليوم الذي قبله (التاسع من محرم، ويسمى "تاسوعاء") مخالفة لليهود، وتأكيداً على فضل هذا اليوم العظيم. ويعد الصيام في هذا اليوم مكفراً لذنوب سنة ماضية، كما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة. وهكذا، يتجلى يوم عاشوراء كفسيفساء غنية من المعاني والتقاليد التي تعكس تنوع وثراء التراث الإسلامي.

الأسئلة الشائعة حول يوم عاشوراء

ما هو يوم عاشوراء؟
يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرّم، أول شهور السنة الهجرية، ويحمل أهمية دينية وتاريخية كبيرة في الإسلام، حيث يرتبط بذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي، وبأحداث تاريخية أخرى عظيمة مثل نجاة النبي موسى وقومه.
لماذا يعتبر يوم عاشوراء مهماً للمسلمين الشيعة؟
يُعتبر يوم عاشوراء ذكرى محورية ومؤلمة للمسلمين الشيعة، فهو يمثل الذكرى السنوية لاستشهاد الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في معركة كربلاء عام 61 هـ. يُحيي الشيعة هذا اليوم بالحزن والحداد ومراسم العزاء تعبيراً عن وفائهم وتضامنهم مع تضحية الإمام الحسين.
ما هي الأحداث التاريخية الأخرى المرتبطة بيوم عاشوراء؟
وفقاً لتقاليد إسلامية أخرى، خاصة لدى أهل السنة، ارتبط يوم عاشوراء بعدة أحداث تاريخية عظيمة أبرزها نجاة نبي الله موسى عليه السلام وقومه من فرعون، واستقرار سفينة نوح على جبل الجودي، وميلاد النبي إبراهيم، وقبول توبة النبي آدم، وخروج النبي يونس من بطن الحوت، وغيرها.
هل يصوم المسلمون يوم عاشوراء؟
نعم، يُعتبر صوم يوم عاشوراء سنة مؤكدة لدى أهل السنة والجماعة، وقد حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم على صيامه، ويستحب صيام اليوم الذي قبله (التاسع من محرم) أيضاً. يُعتقد أن صيام هذا اليوم يكفر ذنوب سنة ماضية. أما الشيعة، فغالباً ما يمتنعون عن الأكل والشرب حتى الظهر أو يقللون منه تعبيراً عن الحزن والمواساة، ولا يعتبرونه صوماً احتفالياً.
ما هو شهر محرم في التقويم الإسلامي؟
محرم هو الشهر الأول من السنة الهجرية، وهو أحد الأشهر الحرم الأربعة في الإسلام (ذو القعدة، ذو الحجة، محرم، ورجب)، والتي يُحرم فيها القتال وتُعظم فيها الحسنات والسيئات.