يُعد مهرجان "لوهري"، الذي يُحتفل به عادة في الثالث عشر من يناير كل عام، إيذاناً بانتهاء ذروة فصل الشتاء البارد وبزوغ فجر أيامٍ أكثر إشراقًا ودفئًا. إنه ليس مجرد احتفال ديني وثقافي عابر، بل هو احتفاء عميق بدورة الحياة والطبيعة، حيث يمثل بداية فترة "أوتارايان" (رحلة الشمس الشمالية) التي تجلب معها النماء والوفرة. هذا المهرجان النابض بالحياة، والذي يتركز جوهره في منطقة البنجاب الخصبة، يحتضنه بحفاوة كلٌ من الهندوس والسيخ، الذين يتشاركون تقاليد الزراعة والاحتفال بمحاصيلهم الوفيرة.

الأهمية الفلكية والزراعية للوهري

يقع لوهري في ليلة سابقة لمهرجان "ماكار سانكرانتي"، ويُعتقد أنه يمثل أقصر يوم في العام وأطول ليلة، على الرغم من أن الانقلاب الشتوي الفعلي يحدث في ديسمبر. لكن لوهري يظل في الوعي الشعبي علامة فارقة على بداية تحول الشمس نحو الشمال، ما يعني أن الأيام ستزداد طولًا تدريجيًا بعد هذه الليلة، حاملةً معها المزيد من الضوء والدفء. بالنسبة للمزارعين في البنجاب، هذه الفترة تحمل معنى خاصًا جدًا؛ فهي لا تمثل نهاية موسم البرد القارس فحسب، بل هي أيضًا وقت حصاد المحاصيل الشتوية ("الربي") مثل القمح والشعير، مما يجعله مهرجان شكر وامتنان للأرض والسماء على عطائهما.

طقوس الاحتفال بالنار والموسيقى

باعتباره يوم عطلة رسمية في العديد من الولايات الهندية، لا سيما تلك ذات الأغلبية البنجابية، تتجلى احتفالات لوهري في مشهد بهيج يضيئه الدفء الوهاج لنيران الموقد. تعد هذه النيران محور الاحتفال، حيث تُشعل في الساحات والمنازل، ويتجمع حولها الأهل والأصدقاء، مرددين الصلوات والأغاني الشعبية. يُلقى في النار عناصر مثل الفول السوداني المحمص، والفشار، وحبوب السمسم، و"الجاجري" (سكر النخيل)، و"الريواري" (حلويات السمسم)، و"الجاجاك" (حلويات السمسم والمكسرات) كقرابين لإله النار "أجني"، طلبًا للبركات والخصوبة وحماية المحاصيل من الآفات. يُعتقد أن إشعال النار يطرد الشر ويجلب الرخاء.

لا تكتمل فرحة لوهري دون إيقاعات البهجة التي تُترجم إلى رقصات شعبية حيوية؛ فرقصة "البا نغرا" الصاخبة للرجال، و"الغيدا" الأنيقة للنساء، تُشعل الأجواء بالحيوية والحماس. تُروى من خلال الأغاني التقليدية قصص الأبطال الأسطوريين مثل "دولا بهاتي"، الذي يُعرف بحماية الفقراء وإنقاذ الفتيات من الخاطفين، مما يضفي بعدًا تاريخيًا واجتماعيًا على الاحتفال.

النكهات المميزة والتجمع العائلي

تُعد مأدبة لوهري جزءًا لا يتجزأ من بهجة المهرجان. فالعائلات تتجمع للاستمتاع بأطباق تقليدية غنية بالنكهات مثل "سارسون دا ساغ" (مرق الخردل) و"ماكي دي روتي" (خبز الذرة)، بالإضافة إلى الحلويات الشهية المصنوعة من السمسم والجاجري. يتم تبادل الهدايا والحلويات بين الأقارب والأصدقاء، ويُقام احتفال خاص للأزواج الجدد والمواليد الجدد، حيث يتلقون التهاني والهدايا، مما يؤكد على أهمية الأسرة والاستمرارية في ثقافة البنجاب.

في جو من الدفء والمرح، يُعبر لوهري عن روح المجتمع البنجابي؛ فهو ليس مجرد مناسبة للاحتفال بنهاية الشتاء وبداية الحصاد، بل هو أيضًا وقت لتقوية الروابط الأسرية والاجتماعية، وتجديد الأمل في عام قادم مليء بالوفرة والازدهار.

أسئلة متكررة حول مهرجان لوهري

متى يُحتفل بمهرجان لوهري؟
يُحتفل بمهرجان لوهري عادةً في الثالث عشر من يناير من كل عام، قبل يوم واحد من مهرجان ماكار سانكرانتي.
ما هي الأهمية الرئيسية للوهري؟
يرمز لوهري إلى نهاية ذروة الشتاء وبداية أيام أطول وأكثر إشراقًا، وهو احتفال بالحصاد الشتوي (محاصيل الربي) في منطقة البنجاب. كما يُعد وقتًا لتقديم الشكر لإله النار أجني وطلب البركات.
من هم أبرز المحتفلين بالوهري؟
يُحتفل به بشكل رئيسي من قبل الهندوس والسيخ في منطقة البنجاب بالهند وباكستان، وكذلك من قبل المغتربين البنجابيين حول العالم.
ما هي الأنشطة التقليدية التي تُمارس خلال لوهري؟
تشمل الأنشطة إشعال النيران وتقديم القرابين فيها، وغناء الأغاني الشعبية، وأداء الرقصات التقليدية مثل البانغرا والغيدا، وتبادل الأطعمة الشهية والحلويات مع الأهل والأصدقاء.
ما هو دور النار في احتفالات لوهري؟
تُعد النار رمزًا للخصوبة والطاقة والتطهير. يُعتقد أن إشعال النيران وتقديم القرابين فيها يساعد في طرد الشرور وجلب الرخاء وحماية المحاصيل.