يُعدّ يوم الذكرى (Memorial Day) في الولايات المتحدة الأمريكية عطلة فدرالية وطنية ذات أهمية عميقة، مخصصة لتكريم وتقدير أرواح أولئك الجنود البواسل الذين ضحوا بحياتهم وهم يؤدون واجبهم في خدمة القوات المسلحة للولايات المتحدة. هذه العطلة ليست مجرد يوم إجازة عادية، بل هي مناسبة جليلة للتأمل في التضحيات الكبرى التي قدمها أبطال الأمة، وفرصة للتعبير عن الامتنان للحرية التي كفلها هؤلاء الأبطال.

تعود جذور يوم الذكرى، المعروف تاريخياً بيوم التزيين (Decoration Day)، إلى فترة ما بعد الحرب الأهلية الأمريكية المدمرة، حيث بدأت المدن والبلدات المختلفة تزين قبور الجنود الذين سقطوا في المعارك. ويُعتبر واترلو، نيويورك، رسميًا مسقط رأس يوم الذكرى، حيث أُقيم أول احتفال جماعي منظم فيه في 5 مايو 1866. في البداية، كان يُحتفل به في 30 مايو من كل عام، وهو تاريخ اختاره الجنرال جون لوغان لأنه لم يكن يوافق أي معركة رئيسية، واستمر هذا التقليد حتى عام 1970.

ولكن، لضمان استمتاع المزيد من المواطنين بعطلة نهاية أسبوع طويلة، تم تعديل موعد الاحتفال بموجب "قانون العطلات الموحدة ليوم الإثنين" لعام 1968، الذي دخل حيز التنفيذ عام 1971. ومنذ ذلك الحين، يُحتفل بيوم الذكرى سنويًا في يوم الإثنين الأخير من شهر مايو، مما يجعله عطلة ذات ثلاث أيام تمتد على عطلة نهاية الأسبوع.

الأهمية الموسمية ليوم الذكرى

إلى جانب طابعه التكريمي، يُصادف يوم الذكرى تقليدياً بداية موسم العطلات الصيفية غير الرسمي في الولايات المتحدة. فبعد التكريمات الرسمية والمراسم الجليلة، يتحول اليوم ليصبح رمزاً للاحتفالات العائلية والتجمعات والأنشطة الخارجية التي تستغل الأيام الطويلة والمشمسة، مثل حفلات الشواء في الحدائق، والرحلات الشاطئية، وزيارات المتنزهات الترفيهية، وكأنه بوابة مشرقة لأيام الصيف الدافئة. ويُعتبر عيد العمال (Labor Day)، الذي يُحتفل به في أول يوم إثنين من سبتمبر، هو النهاية غير الرسمية لهذا الموسم الصيفي الممتد.

مقارنة مع كندا: يوم فيكتوريا

على نحو مشابه، في كندا، يُشير "يوم فيكتوريا" (Victoria Day) إلى بداية موسم الصيف غير الرسمي هناك، ويُعرف أيضاً بـ "عيد ميلاد الملكة". ومع ذلك، يقع يوم فيكتوريا في الإثنين الذي يسبق 25 مايو، مما يجعله عادةً يسبق يوم الذكرى الأمريكي بأسبوع واحد. ويحتفل به الكنديون بعيد ميلاد الملكة فيكتوريا، ويعد أيضاً عطلة نهاية أسبوع طويلة تطلق أنشطة الصيف والعطلات في البلاد.

كيف يُحتفل بيوم الذكرى؟

بينما يمثل يوم الذكرى بداية موسم الصيف المليء بالأنشطة الترفيهية، إلا أن جوهر الاحتفال يظل مركزاً على ذكرى أولئك الذين فقدوا حياتهم في سبيل الوطن. تشمل التقاليد الشائعة في هذا اليوم:

• زيارة المقابر الوطنية ووضع الأعلام الأمريكية الصغيرة على قبور الجنود لتقدير تضحياتهم.
• إقامة المسيرات الاحتفالية التي تُكرّم قدامى المحاربين وتُحيي ذكرى الشهداء.
• تنظيم مراسم تذكارية في النصب التذكارية والمواقع التاريخية في جميع أنحاء البلاد.
• إقامة "لحظة التذكر الوطنية" (National Moment of Remembrance) في الساعة الثالثة مساءً بالتوقيت المحلي، حيث يُطلب من جميع الأمريكيين التوقف عن أنشطتهم لمدة دقيقة واحدة لتذكر من قضوا في الخدمة العسكرية.
• يُعد ارتداء الزهور الحمراء، وخاصة زهرة الخشخاش (poppy)، رمزاً شائعاً للتذكر في هذا اليوم، مستوحاة من قصيدة "في حقول فلاندرز" (In Flanders Fields) التي كُتبت خلال الحرب العالمية الأولى.

أسئلة شائعة حول يوم الذكرى

ما الفرق بين يوم الذكرى ويوم المحاربين القدامى؟

يُخصص يوم الذكرى (Memorial Day) لتكريم الجنود الذين ماتوا أثناء خدمتهم العسكرية دفاعاً عن الولايات المتحدة. بينما يُكرّم يوم المحاربين القدامى (Veterans Day)، الذي يُحتفل به في 11 نوفمبر، جميع الأشخاص الذين خدموا في القوات المسلحة الأمريكية، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، في أوقات السلم أو الحرب.

هل يوم الذكرى هو نفسه يوم التزيين؟

نعم، يوم الذكرى كان يُعرف في الأصل بيوم التزيين (Decoration Day) قبل أن يتم تغيير اسمه رسمياً في عام 1971. ويعكس هذا التغيير توسيع نطاق الاحتفال ليشمل جميع الجنود الذين سقطوا في جميع حروب الولايات المتحدة، وليس فقط الحرب الأهلية.

كم عدد الجنود الذين ضحوا بحياتهم من أجل الولايات المتحدة؟

لا يوجد رقم دقيق وشامل، ولكن وفقاً لإحصائيات وزارة شؤون المحاربين القدامى الأمريكية، يُقدر أن أكثر من 1.3 مليون جندي أمريكي قد فقدوا أرواحهم في مختلف الصراعات العسكرية منذ الثورة الأمريكية وحتى يومنا هذا، وهو ما يؤكد عُمق التضحية التي يُكرّمها يوم الذكرى.