في يوم حاسم بتاريخ 30 يونيو 2013، شهدت جمهورية مصر العربية تجمعاً شعبياً ضخماً وغير مسبوق، حيث خرج ملايين المتظاهرين إلى الشوارع والميادين في عموم البلاد. كان الهدف المعلن لهذه الحشود الجماهيرية هو المطالبة بالإطاحة بالرئيس محمد مرسي، الذي كان حينها أول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ مصر الحديث بعد ثورة 25 يناير 2011 المجيدة التي أنهت عقوداً من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. المثير في الأمر أن هذه الاحتجاجات جاءت بعد عام واحد بالضبط من تولي الرئيس مرسي مهامه الرئاسية، مما يعكس سرعة وتيرة الأحداث والتحولات العميقة في المزاج العام والمشهد السياسي المصري.

ولفهم جذور هذه الانتفاضة الشعبية، من المهم الإشارة إلى أنها كانت تتويجاً لحركة تمرد واسعة النطاق أطلقتها حملة شعبية أُطلق عليها اسم "تمرد". بدأت هذه الحملة في إبريل من نفس العام، مستهدفة جمع توقيعات مليونية لسحب الثقة من الرئيس مرسي والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة. زعمت حملة "تمرد" أنها نجحت في جمع ما يزيد عن 29 مليون توقيع، وهو رقم إن صح، كان ليعبر عن حجم غير مسبوق من السخط الشعبي. كانت الأسباب الكامنة وراء هذا السخط متعددة؛ فمنها ما يتعلق بقرارات رئاسية مثيرة للجدل، مثل الإعلان الدستوري الصادر في نوفمبر 2012 الذي وسع صلاحيات الرئيس وحصّن قراراته من الطعن القضائي، ومنها ما يرتبط بالاتهامات الموجهة للحكومة بالاستقطاب السياسي وتفضيل تيار سياسي معين، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية المتفاقمة وغياب التوافق الوطني على مسار الانتقال الديمقراطي.

تطورت هذه الانتفاضة الشعبية إلى مرحلة حاسمة مع تدخل القوات المسلحة المصرية، التي أعلنت عن خارطة طريق سياسية تلبيةً لما وصفته بـ "إرادة الشعب" وصرخات المتظاهرين. وفي هذا السياق، صرح الجيش المصري في بيانات رسمية بأن مظاهرات 30 يونيو كانت "الأكبر في تاريخ مصر"، مقدراً عدد المتظاهرين بما يقارب 32 مليون شخص، وهو رقم تم الإعلان عنه بناءً على مسح جوي شامل للمتظاهرين في كافة أنحاء الجمهورية بواسطة طائرات الهليكوبتر. هذا التقدير الضخم كان يهدف إلى إضفاء شرعية قوية على التدخل العسكري كاستجابة لمطالب شعبية هائلة.

ومع ذلك، لم يخلُ هذا الإعلان من جدل واسع وتشكيك كبير من قبل العديد من المحللين والمراقبين المستقلين والخبراء. فقد دحضت دراسات إحصائية أجراها متخصصون في قياس الحشود الجماهيرية هذه الأرقام، مشيرين إلى أن تقديرات عدد المتظاهرين في 30 يونيو قد تم تضخيمها بشكل كبير. على سبيل المثال، أشارت بعض التقديرات والدراسات المستقلة إلى أن العدد الفعلي للمتظاهرين في جميع أنحاء مصر لم يتجاوز المليون شخص بكثير. هذا التباين الشديد في الأرقام يعكس عمق الاستقطاب السياسي الذي كانت تشهده مصر في تلك الفترة، وكيف أن السرديات المتعلقة بحجم التظاهرات كانت جزءاً لا يتجزأ من الصراع على الشرعية والسلطة.

لقد مثلت أحداث 30 يونيو 2013 منعطفاً تاريخياً فارقاً في مسار الثورة المصرية وما تلاها من أحداث، ولا تزال هذه الفترة محط دراسة وتحليل لفهم ديناميكيات التحول السياسي والاجتماعي في المنطقة.

أسئلة متكررة حول أحداث 30 يونيو 2013

ما هي الأهمية التاريخية ليوم 30 يونيو 2013 في مصر؟
كان يوم 30 يونيو 2013 نقطة تحول حاسمة في التاريخ المصري الحديث، حيث شهد احتجاجات جماهيرية واسعة النطاق أدت إلى تدخل الجيش المصري وعزل أول رئيس منتخب ديمقراطياً بعد ثورة 25 يناير، مما غير مسار الانتقال السياسي في البلاد.
من هو الرئيس محمد مرسي؟
محمد مرسي هو الرئيس الخامس لجمهورية مصر العربية، وأول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً بعد ثورة 25 يناير 2011. تولى الرئاسة في 30 يونيو 2012 وتمت الإطاحة به في 3 يوليو 2013 بعد احتجاجات شعبية حاشدة.
ما هي حملة "تمرد" وما دورها؟
"تمرد" هي حملة شعبية مصرية انطلقت في أبريل 2013 بهدف جمع توقيعات لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة. لعبت الحملة دوراً محورياً في حشد وتعبئة الجماهير للاحتجاجات التي سبقت أحداث 30 يونيو.
لماذا كانت هناك خلافات حول أعداد المتظاهرين في 30 يونيو؟
نشأ الخلاف حول أعداد المتظاهرين بسبب التباين الكبير بين التقديرات الرسمية الصادرة عن الجيش (التي تحدثت عن 32 مليون متظاهر بناءً على مسح جوي) والتقديرات المستقلة من خبراء ومراقبين (التي أشارت إلى أعداد أقل بكثير، تتجاوز المليون بقليل). يعكس هذا التباين الاستقطاب السياسي الشديد في البلاد واستخدام الأرقام كأداة في السرديات السياسية المتعارضة.