يُعرف عيد الشجرة اليهودي باسمه العبري الأصيل، طو بشفاط (ט"ו בשבט)، والذي يعني حرفيًا "الخامس عشر من شهر شباط". هذا اليوم ليس مجرد مناسبة عادية، بل هو "رأس السنة الجديدة للأشجار" في التقليد اليهودي. على الرغم من أنه لا يُصنف كعطلة رسمية كبرى على غرار الأعياد التوراتية المعروفة، إلا أنه يحمل أهمية ثقافية وبيئية عميقة، ويتم الاحتفال به بشكل خاص في إسرائيل، بالإضافة إلى الجاليات اليهودية حول العالم.
الجذور التاريخية والدينية لعيد طو بشفاط
تعود جذور طو بشفاط إلى الشريعة اليهودية القديمة، وتحديدًا إلى المشناه في سفر "روش هشانا" (ראש השנה). كان هذا اليوم بمثابة التاريخ الذي تُحسب منه أعمار الأشجار المثمرة لأغراض العشور (التروما) وتطبيق قوانين "أورلا" (عورلة)، وهي حظر استهلاك الفاكهة من الأشجار خلال سنواتها الثلاث الأولى. كان هذا التقويم الزراعي ضروريًا للمزارعين في أرض إسرائيل القديمة، حيث كان يمثل النقطة التي تكون فيها غالبية أمطار الشتاء قد هطلت، وبدأت العصارة بالتدفق في الأشجار، مما يشير إلى بداية دورة نمو جديدة في الأرض المقدسة.
مع مرور الوقت، تطور طو بشفاط من مجرد ملاحظة زراعية بحتة إلى احتفال ذي أبعاد روحية وبيئية أعمق. في القرون الوسطى، ولا سيما تحت تأثير التقاليد الصوفية للقبالة (القبالاه) في صفد، اكتسب العيد معنى باطنيًا. فقد اعتبر القباليون الأشجار رموزًا "لشجرة الحياة" الكونية، ورأوا في هذا اليوم فرصة لإصلاح العوالم الروحية من خلال مباركة الفاكهة وتناولها، بهدف استعادة الانسجام الروحي للعالم.
عادات الاحتفال المعاصرة: غرس الأشجار وسدر طو بشفاط
تختلف طرق الاحتفال بطو بشفاط قليلًا بين إسرائيل والشتات، لكن المحور الأساسي يظل واحدًا: تعزيز الاتصال بالطبيعة، وتقدير أهمية الأشجار، والتوعية البيئية.
- في إسرائيل: يُعد غرس الأشجار النشاط الأبرز والأكثر انتشارًا. تقوم الصندوق القومي اليهودي (كيرن كاييمت لإسرائيل – KKL-JNF) بتنظيم فعاليات ضخمة لغرس الأشجار في جميع أنحاء البلاد، حيث يشارك الآلاف من الأطفال والبالغين في هذه المبادرة الوطنية. هذه الممارسة تعكس الالتزام الصهيوني بإعادة تخضير الأرض وبنائها، وتحويل الصحاري إلى أراضٍ خصبة وغابات مزدهرة. غالبًا ما تخرج المدارس والروضات في رحلات ميدانية لغرس الأشجار، مما يغرس قيم العناية بالبيئة في الأجيال الشابة.
- في الشتات: تركز الجاليات اليهودية خارج إسرائيل على الأنشطة التعليمية والتوعوية. قد لا يكون غرس الأشجار مباشرًا ممكنًا دائمًا، لذا يتم التركيز على التبرع لغرس الأشجار في إسرائيل، أو تنظيم فعاليات لتعزيز الوعي البيئي وأهمية الاستدامة.
سدر طو بشفاط: وليمة الفاكهة الرمزية
أحد أبرز التقاليد التي اكتسبت شعبية في السنوات الأخيرة هو "سدر طو بشفاط"، المستوحى من سدر الفصح. هذا السدر عبارة عن وليمة احتفالية تركز على الفاكهة والمكسرات، خاصة تلك المرتبطة بـ "الأنواع السبعة" التي اشتهرت بها أرض إسرائيل في الكتاب المقدس: القمح، الشعير، العنب، التين، الرمان، الزيتون، والبلح (التمر). يتضمن السدر عادةً شرب أربعة أكواب من النبيذ أو عصير العنب، يتغير لونها من الأبيض النقي إلى الأحمر الداكن، لترمز إلى الفصول الأربعة أو المستويات الروحية المختلفة، ويتم تلاوة نصوص وأدعية تعمق فهم العلاقة بين الإنسان والطبيعة والخلق الإلهي.
أهمية طو بشفاط في العصر الحديث
يتجاوز عيد طو بشفاط كونه مجرد ذكرى تاريخية؛ لقد أصبح رمزًا للالتزام اليهودي بالبيئة والاستدامة. إنه دعوة للتأمل في مسؤوليتنا كبشر تجاه رعاية الكوكب (تيقون عولام) والحفاظ على موارده الطبيعية. يشجع هذا اليوم على التفكير في دور الأشجار كمصدر للحياة، والغذاء، والهواء النظيف، وكمأوى للحياة البرية، مما يجعله احتفالًا بيئيًا عالميًا بقيم يهودية أصيلة.
أسئلة متكررة حول عيد الشجرة اليهودي (طو بشفاط)
- متى يُحتفل بعيد طو بشفاط؟
- يُحتفل به في اليوم الخامس عشر من شهر شباط العبري، والذي يُصادف عادةً أواخر يناير أو أوائل فبراير من التقويم الميلادي، متزامنًا مع بداية موسم الإزهار في إسرائيل بعد انتهاء غالبية أمطار الشتاء.
- هل يُعد طو بشفاط عطلة رسمية في إسرائيل؟
- لا يُعد طو بشفاط عطلة رسمية عامة في إسرائيل بمعناها التقليدي، أي لا تتوقف فيه الأعمال الحكومية أو التجارية بشكل كامل. ومع ذلك، تشهد المدارس والمؤسسات التعليمية والمجتمعات أنشطة مكثفة مرتبطة بغرس الأشجار والاحتفال بالطبيعة.
- ما هي الأنشطة الرئيسية في هذا اليوم؟
- أبرز الأنشطة هي غرس الأشجار، خاصة في إسرائيل من خلال حملات تنظمها مؤسسات مثل الصندوق القومي اليهودي (KKL-JNF). في الشتات، قد تشمل الاحتفالات تناول الفاكهة المرتبطة بالأرض المقدسة، وتنظيم "سدر طو بشفاط" الرمزي، والأنشطة التعليمية التي تعزز الوعي البيئي ومسؤولية الحفاظ على البيئة.